الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

(قطيفة بلون الزيتون ) بقلم الناقد والأديب رضا إمام همسة مهداة إلي صاحبة الهمسات (شيماء زايد )


*قطيفة بلون الزيتون *

قصة قصيرة بقلم الناقد والأديب (رضا إمام )


إلي / شيماء زايد




وقال لها في ذاك اليوم : لا تشربي من يد أحدٍ غيرك ، فيزيد عطشُك.
ثم رفع كفها الصغير إلي فمه ، وقبلها .
بالتأكيد كان أبي يرحمه الله – رغم سخرية الآخرين – هو الوحيد الذي يرى ظلال الشجر اليابس ، وهو يتحرك من خلف الكثبان الرملية من مهد صحرائه السحيقة ، زاحفاً وحتي مشارف المدينة . وهي رفضت هدية الجمعية الخيرية ..جاكيت القطيفة الزيتوني.
كانت إذا ما إشتد الإبتراد؛ تنكمش .. تنفرد ، صانعة طبقات جديدة لجلدها الرهيف . فلتصفعها الشتاءات كيف تشاء ،لكنها لن تتراجع ، ولربما يأتي صيفٌ هجُيره يُقدد الأوصال ،ولا يهمها،فالحصوات تحت اللسان جاهزة ،تستحبلها إذا ما إشتد الظمأ.
أبي. أعرف أنك تسمعني الآن ، فلربما تأتيني الشجاعة لأن أخاطبك من خلف هذه الجبال والهضاب والوديان . أأقول لك بأنني ما خالفتُ وصيتك ابداً ، إلا مرة واحدة ، يومها سمحتُ له فيها-فقط- أن يمسك بيدي ، وأنا أشرب كأس الفراولة ، فساعدني أن أرتشف بعض الرشفات ، أوتتذكر يا أبي عصير الفراولة ، ومن جعله مشروبي المفضل ؟ أليس هو أنت .
أنا كبرت يا أبي ، ورفيقاتي كلهن تزوجن ، وأقسم لك بأنني ما أردت الزواج إلا لحلمي بولد يشبهك .. اسمه علي اسمك ، لكنه سافر يا أبي إلي هذه الخلجان الضاوية بذهبها المُملح ، وطالت غيبته ، ولم يعد ، صارت أغنية "فيروز" أنشودتي الأثيرة :

"نطرتك أنا
ندهتك أنا
رسمتك علي المشاوير
يا هم العمر .. يا دمع الزهر
يا مواسم العصافير .."

يقولون جميعهم : أنني ورثت نشفان الدماغ واللماضة عنك ، وأن وجهي استدار ، وملامحي تُختت ، فأصبحت صورة طبق الأصل من صورتك المعلقة في غرفة الصالون ، المؤطرة بالسواد.
أحياناً أُغلق عليّ غرفتي ، وأدخل في هذا البالطو البني ، المفضل لديك ، وأروح وأنا أجرجره ، أُقلد مشيتك ، التي كانت تشوبها زكة خفيفة ، وكنتُ كلما انتويت سؤالك – في حينها- عن السبب ، أنشغل ، وانسي ، أراك في جلوسك في الصالة علي كرسيك المفضل ، الذي هبطت مقعدته ، فصارت قريبة من الأرض ، فارداً ساقيك قدر الإستطاعة ، تاركاً لي حُرية خلع حذاءك ، وكم كنتَ ترفض في البداية ، ولما أدركتَ أن هذا الشيء يسعدني ؛ تركتني ، وحين تعلو الأصوات قليلاً ، ترفع يديك مشيراً أو محذراً ، أركب كل المقامات لأحاكي صوتك :
- يا بنتي . خذي لك كتاب . صفحيه، أحسن من دخولك وخروجك من غرفة لغرفة .
ساعتها كنتُ أحس أن أذنيّ ليستا في رأسي ، لكنهما متحفزتان داخل صدري .
أعرفك يا أبي بأن أشياءك كلها مازالت بمكانها في الحفظ والصون ، فلديّ أحساس خفيّ بأن غيابك لن يطول : نظارة المشي والقراءة .. مظلة الشتاء والصيف .. مبسم السجائر .. لبيسة الأحذية .. عصاتك الأبنوس إذ يعلوها رأس أسد معدني .. أقلامك الحبر .. الورقة المسطرة بمشبكها ، لتضع عليها الورقة البيضاء حين الكتابة .. مقالاتك في المجلات والجرائد .. صورك مع أصدقائك الذين لم نرَ واحداً منهم بعد رحيلك .
كما أعرفك يا أبي . بأنني قد اكتسبت ُ خبرات جديدة ، وأصبحتُ ماهرة جداً في استعمال الكمبيوتر ، وإنه بإمكاني الآن أن أجمع مكتبتك هذه المهولة في قرص بلاستيكي صغير ، كما أنني نجحتُ في أستأناس الثعابين والضباع والذئاب وتجار الخُردة ، وجعلتهم يطربون لوقع كلماتي ، ويشيدون بقصصي القصيرة .
أوتعرف أن الحُلم الوحيد ، الذي يأتيني أثناء ساعات نومي القليلة ، الحُلم صار مكروراً ، ولا أستطيع أن أتخذ موقفا تجاهه، لأنني لا استطيع الوصول إليك ، في كل مرة أراك هكذا رابضاً – من بعيد- علي قمة الجبل كأنك "أبو الهول" تحرس الكون الفاني ،وهذا العصفور السابح في فضاء الوادي أمامك ، فما أن ينتزعوا عنه جناحيه ، ويبدأ في فقدان توازنه ، والدخول في دوامة السقوط ، حتي تتنابت له أجنحة جديدة ، ويعاود التحليق ، لاشيء يتغير في الحُلم سوي لون الفراغ ، الذي يتراوح ما بين الشفقي والرصاصي والبنفسج المخنوق .
تساءلني عن حالتي هذه غير المستقرة ، وأنني صرتً إما عصبية كقطة ينتزعون منها صغارها ، وإما راكدة كوصلة ريح مجذوذة . صدقني . وأنت تعلم كل شيء .
الحكاية كلها لا تتعدي عملية دفاع تلقائية عن النفس تجاه هذا الحزن المقيم .. الغول المسمي باليُتم .
ثم ألم تعلمني أنت : أن نصف الحلول منطقة مأهولة بالريبة ، فأنا لا أريد أن أصبح عانساً ، ولا أريد كذلك أن أصبح كاتبة أو مصممة جرافيك نصف كم .
ولمَ لا تقول أنه شيء وراثي فعليّ أن أدفع ثمن الدفاع عن رؤيتي كما دفعت أنت ثمن الوقوف في وجه الريح الفاسدة .
أبي . دعك من هذا ، فقد جاء دوري الآن لأسألك : كيف هي الحياة عندك ؟
بالطبع قابلت جدي هناك . كيف هي أحواله ؟ أمازال يهوي شرب القرفة باللبن وزراعة الزهور ؟
ولماذا صمتك هكذا يطول ؟ آه .
فقد نسيتُ أن الوقت ينتهي دائماً عند هذا السؤال .
نَظَرت لأسفل حيث منبت ظلها ، وناست علي شفتيها إبتسامة ، فدائماً- لطول سيرها عبر متاهات المسافات – ما يلتصق بقديمها هذا الصندل الجلدي المنحول ، ولا تكتشف ذلك إلا حين وضوء الفجر ، أنَسّيت من التعب ؟ أم أخفقت في خلعه قبل أن تنام ؟
لا يهم الآن فالنتيجة واحدة – فَرَدت الورقة الصغيرة أمام عينيها، لتتأكد من عنوان العمل في الإعلان المنزوي بالصفحة ، ربما تكون المحاولة رقم ... هي بالتأكيد لا تتذكر رقماً محُدداً ، لكنها لن تمل البحث والطرق علي كل الأبواب .
طَوت الورقة ، دستها في حقيبتها ، ومضت بخطوات ، جاهدت أن تكون واثقة ، ( وتهز رأسها علامة الموافقة علي أنها لاحظت هذه الزكة الخفيفة في مشيتها ) مضيت يَرنّ في أذنيها صوت أبيها الرخيم ، وعيناها تجوبان السماء الفسيحة ، وتتسرب الإبتسامات فجأة لما تري عصافير الفضاءات ، التي ما تكاد تهوي حتي تعاود التحليق مرة ثانية
.

تعقيب ( بقلم شيماء زايد )

لم اتعجب ان تجمع ملامحي من بين سطوري ، لم اتعجب ان يكون حدسك عميقاً ليري ما خلف السطح الظاهر ولم احدثك به يوما ، لم اتعجب ان تمزج كل ذلك بخيال خصب ، ولكن كل العجب ان تعلمني في نفسي أشياء لم أكن أعرفها
اليوم فقط أدركت أني حقا أديبة كما تقول عني ولم أكن أصدق أتعرف يا أستاذي لم؟
لأن أبي الروحي ( أبيه أيمن جمال الدين ) أخبرني يوماً أن الأديب لا يفهمة سوي الأديب ، وأنت راهب الأدب الذي يضيء الشموع للصغار كل مساء .
عمو رضا كما تحب – وأحب- أن أناديك ،هلاّ علمتني كيف يتثني للتلميذة الضئيلة أن تشكر أستاذها العظيم ؟!!

الأحد، 6 ديسمبر 2009

الهمسة الثانية والعشرون (دموع الزهور )

دموع الزهور




" الزهور مثلنا تضحك وتبكي "

مازالت كلماته تتردد في مسامعي ، يترائي لي وجهه المليء بالتجاعيد وهو يبتسم يده المرتعشه وهي تربت علي ظهري ، طالما ارضي فضولي بأجوبته ، طالما أرضاني بوجوده

" كزهر العباد سيري في اتجاه الضوء"

اتلمس السبيل نحو الضوء يتحسس خطواتي زهر العباد ولكن الشمس نسيت ان تشرق فوق قلبينا ، ها نحن ننتظر الصباح بجذوع منحنية

" لا احد غير الزهور قد يعلمك لغتها ... اسأليها لعلها تجيبك "

لم يعلمني احد شيئا سواك ، تقليم الزهور ॥ تنسيق الحدائق ... العزف علي اوتار الطبيعه ، وعندما خطوت خطواتي الاولي احضرت لي حصاني الخشبي الذي ما ان ركبته حتي اطلقت جناحاي تخبطت ضفائري علي وجهي ، انحل الشريط الأحمر ، حلقت بعيدا .. فسقطت فوق اشواك الحديقة ...

"الزهرة الورديه ، أبيه "

الزهره الورديه يا جدي تئن ، تحدثني بوحدتها بوحشتها بخشونة راعيها بقلة حيلتها ،اراها تذبل فلا اجد ما ارويها به سوي العجز
لما باعوها لمن لا يستحق ، ربما لو قالت "لا" لاستجابت ضمائرهم الصماء

" القرنفل الأحمر ، محبه "

القرنفله مكسوره يا جدي ، لا احد يعلم بكسرتها ، كل الايدي تطلعت لقطفها فكانت الاشواك جزاء العابثين ، وعندما ارتضت مداعبة يد حانيه... كسرتها ، لم تخبرني يوما إذا كانت هناك جبيرة لساق زهرة ، ليتك علمتني يا جدي كيف اجبر الكسور

" الكاميليا البيضاء ، جاذبيه "

زهرة الكاميليا اعتزلت كل الزهور رغم رونقها وتفردها إلا ان النسيم خلف موعدهما ، انتظرته طويلا حتي ملت الانتظار واضحت عبارات المواساه تحرقها ، فقررت الانزواء ، لو تعلم ان وجودها ميلاد للبراءة والجمال لآثرت البقاء

" اختر مآساتك قبل أن تختارك "

أليس هناك خيار آخر ، هل تسلبنا الحياه ثمن ضحكاتنا القديمه ، هل لنا ان نضحك قبل أن نبكي ، او نبكي قبل ان تبكينا الحياه ...

عندما تتلون السماء بحمرة الفجر سوف يظنون جميعا ان الزهور تعلوها قطرات الندي ، ولكنني اعلم جيدا انها دموع الليل
سوف اجمع كل الدموع ممزوجه بدموعي واروي بها نباتات الصبار علي بابك يا جدي ، واعذرني فشجرة الياسمين ابت ان تنبت في تربة قبرك فلم يبقي لي ولك سوي الصبار
تمت بفضل الله ،
شيماء زايد
5-12-2009
العاشرة مساءا


الجمعة، 27 نوفمبر 2009

كل عام وأنتم بخير


كعادتنا دائما كارت العيد تقبلوه بخالص ودي واحترامي ، الكارت مصمم ببرنامج الإليستريتور الذي لم أكن أعرف عنه اي شيء قبل اسبوع مضي ... تحياتي وعيد سعيد

السبت، 31 أكتوبر 2009

تفني صاحبة الهمسات ... وتبقي الهمسات (هذيان)

هذيان




ضوء مبهر يخترق جفوني أحاول أن أحجبه بيدي فلا تطاوعني ، أفتح عيناي جاهدة يترائي أمامي أشباح بيضاء .. الحجرة بيضاء.. أضواء مسلطة علي وجهي، وأنا ممددة علي ظهري اسمع اصوات مشتتة ..واتوه فتفقدها أذناي

- إمراة !!
- نعم ..
- ولماذا
- لأنها أسهل في الانقياد

انقياد ..! لست ممن يقاد
أحاول أن انهض دون جدوي ، فأنا لا أملك جسدي ..
أملك ذكري .. حلم لو يكتمل .. اسطورة ؛ والبطل مجهول ، والزمن مجهول ، والواقع .. ممنوع الإقتراب

- هل تسمعنا الآن يا دكتور
- نعم لكنها لا تستطيع التكلم
- لماذا لم نفقدها وعيها بالكامل ؟
- لابد أن نراقب كل ملابسات التجربة

اي تجربة .. ما الذي يفعلونه بي هؤلاء الحمقي ..أين أنا .. يا لطنين الاجهزة المستفز .. تري ما الساعة الآن ؟ لا أشعر بساعدي
أحاول أن استرق النظر بطرف عيني ، معصمي فارغ ، الكثير من الأسلاك ،الإبر المعدنية ، وقطع اللاصق الأبيض تغزو ذراعي ..
لا أحب هذا اللاصق ، طالما نزع جلدي أثناء انتزاعه ..
ولكن أين الساعة ، تلك العقارب الفضية الشقية التي تمنحني البهجه مع كل ثانية ، وتطل منها دنيتي الطيبة .. دنيتي الوردية ..نزعوا الساعة .. أخذوها مني

- اعطيني المشرط .. راقب النبض

أهناك نبض .. إذن ما زلت ضمن الأحياء طالما أن قلبي ينبض .. ماذا يفعلون .. أود الصراخ دعوني وشأني .. ولكن صوتي قد سُلب .. تري هل يسلبوني صمتي ؟

- انزع الرئه
- هل سبندأ بالرئة
- نعم سنبدل كل الأجهزة .. سنجعلها نصف آلية

انزعوها إذن لا اريدها .. فأنا لا اتنفس هوائكم ، لا أحمل دم أفعي ليسري هوائكم الملوث داخلي .
المشرط يهبط .. يعلو .. تكسوه دماء .. تكسوه دمائي .. أخذوا أشياء من صدري .. وضعوا اشياء .. ويعود المشرط يشق ، وأياد تنزع وأشياء توضع .. وأنا ... عاجزة يعتصرها الألم
يبدوا أن عقاقيركم يا سادة لم تخدر مشاعري ؛ مشاعر حمقي جامحة ، محبوسة في وجه صخري .. والروح .. الروح أضعف مما تنسجه دودة القز .. كان لأخي صندوق صغير يربي فيه ديدان القز ..أين الحرير لا أري إلا الديدان وبقايا ورق التوت اليابس .. واخي ..من أخي .. ومن أنا .. أنا كهف من ورق

- مستحيل !!
- ما الذي يحدث
- كلما نزعت القلب ينبت من جديد !!
- أهناك تغير جيني ..
- لا دخل لذلك بالتجربة .. انه غير معقول

قلبي لا ينزع ايها البلهاء الأغبياء .. لو سألتموني من قبل لأخبرتكم ؛ لم استطع ابدا انتزاعه ، حاولت إخراسه .. تجاهله .. تلاعبت في دقاته ..طمست رسائله .. كاذبة؛ لم أريد أن أكون هو .. ولكن الحقيقة أنه أنا .. أين أنا ؟؟


- ربما إذا استئصلناه جزء بجزء لا ينبت .
- سوف أشقه نصفين
- أجزاء يا دكتور ..
- لا وقت لدينا .. ها قد نزعت النصف ولم ينبت نصف آخر


دمائي تسري ولو في قلب منشطر النصفين .. أليس كذلك يا نصف قلبي ؟
انزعوه ،ابعدوه واجعلوه اكثر قسوة .. اكثر حباَ .. اكثر عنفاً ،فإن دمائي تسري وإن بردت ..تغذي عالمي ..عالمي المليء بالمجنحون والأجنحة .. ألن تعطوني أجنحة آلية ؟
قديما منحوني جناحات بيضاء ، لكنني لم ألعب دور الملاك ، فضلت الجناحات السوداء ، و لم استطع قط تقمص دور الشيطان ، ألا يوجد ألوان أخري بين الاسود والأبيض !
لماذا تهرول الأطياف البيضاء من حولي ؟

- شيء عجيب ، كل الخطوات مدروسه ، ما الذي يحدث ؟
- يجب استئصال القلب ،وإلا لن يعمل القلب الآلي ..فلنفعل شيء لتلفح التجربة .
- اعطوني مشرطين


يا قلبي المسكين ، اتتحمل الطعنات المزدوجه ؟

- لنقتل الخلايا
- نعم نكويها .. فليكن الكي


وهل تحرق الإرادة ! احرقوا المرئي لكم لكنكم أبدا لن تحرقوا ما لا ترون .. وما لن ترونه ابداَ .
أنا أري ما لاترون .. أري التمرد بين أمواج البحر الصارخة .. الصامدة .. تفتت الصخور في صمت وصبر وكبرياء ، أري البريق في عيون تلك الفنانه المجنونه الحنونه لأدرك أنها وجدت شريكا لحياتها ؛ صديقتي القديمة التي لم تعد قديمة .. ولم تكن صديقتي .
أري الخوف في عيون من أحب فلا أجيبهم سوي بالعجز ودموعي الغير مرئية .
هل قصرت في حقهم .. هل استطيع مساعدتهم؟ .. كيف وأنا أحيا داخل نفسي .. وهل استطيع مساعدة نفسي ، لكنت دافعت عن قلبي الممزق بين أيديهم السوداء في القفازات البيضاء.

- الوقت ينفذ .. دع القلب للنهاية .. فلنستبدل باقي الاحشاء .

الوقت ينفذ ، يضيع من بين يدي ، وأنا اسعي ولا اصل ، ربما لأنني اسعي ايضا داخل نفسي ، هل سيجعلون مني آلة حقا ، ولما لا.. ربما استطيع السير دون توقف ؛ فالآلة تعمل بوقود واحد ، وأنا أسير بوقود نفسي طالما ينفذ ، وقود صحي لا يحملني كثيراً ، وقود عقلي لا أحسن استهلاكه ، ووقود رؤية قلبية اكبر مني ولكنها لا تحملني .

- لا تضع شيئاَ مكان الرحم

أيحسبون أنهم ينتزعون أمومتي .. أنا أحلم من أجل الأبناء .. كل الأبناء
فأنا أم من رحم الأمه أبنائي سوف يولدون من رحم اليأس وبين عيونهم قناديل تنير الطريق
هم كنور .. أصغر الصغار .. يقولون أنها تحمل بعض ملامحي .

- كل شيء هنا لا يعقل .. غريبة هي .. غريبة حقا

يا لتلك الكلمة المكررة المستهلكة ، نعم أنا الغريبة .. لو كنتم جميعكم غرباء .. لو كنت بسطاء .. لو كنتم أدباء .. والادب بضاعة محتالين ,وانين من طهر الشرفاء.
أنا الغريبة يا عيون اشعر داخلها بالغربة
أنا الغريبة يا كل معني يحمل وجهان
أنا الغريبة يا قبر أبي
أشعر بجروحي .. زال المخدر .. استطيع أن احرك أصابع قدمي ..واصابع يدي أيضا..

- تعطل الكبد الصناعي ..
- والرئه ايضا
- اننا نفقدها..
- افعلوا اي شيء ... لقد انفقنا الكثير علي التجربة ..


عبيد النقود أنتم ,وانا أمة الله

- كل شيء يتوقف .. لقد فشلنا ..

دائما انتم الفاشلون الخاسرون ، وأنا .. ما أنا سوي هذا القلب الذي أرهقكم .. وأتعبني حقاً .. إلا أنني عشقت آلامه

- انتهي الامر
- لا فائدة
- ابلغ الإدارة العليا


عليا .. عليا .. عجبا يا قاطني الدنيا ، ها انا استطيع تحريك يدي قليلا .. اسحبها ببطيء .. أرفعها فوق جسدي .. تمر علي الجروح والندوب والدماء .. اصل اخيراً إلي قلبي

- انتبهوا انها تتحرك ..
- حقا .. ما الذي يحدث !


انتزع قلبي من موضعه أرفعه علي سارية هي ساعدي تشق دمائه عليها ألف نهر ، ألتفت إليهم ، يلبي صوتي ندائي الأخير ، يحمل كلماتي .. " امنحوه جسد .. امنحوه جسد يقدر علي احتوائه "






تمت بفضل الله ،
شيماء زايد

26/10/2009
11م

الأحد، 4 أكتوبر 2009

الهمسة الواحدة والعشرون (ملاك غرب الدلتا )



ملاك غرب الدلتا





إنها هي لم تخدعني عيناني ،أعرف هذا الوجه جيدا بملامحه البريئة الطفولية الهادئة وكأنها تطل علي بثوبها الأبيض علي المسرح ،" ملاك نوري في سجال مع الشيطان" كان هذا دورها في احدي المسرحيات القصيرة التي قدمناها معا للأطفال من خلال عملنا التطوعي .
كانت أكثر الناس إلتزاما بمواعيد التدريب ،أكثرهم سماعا وإنصاتا وجديه .
سلمت عليها بحرارة وحدقت فيها بمنتي الدهشة أقسمت لها بأغلظ الأيمان أني كنت ابحث عنها بين الوجوه لا اعلم كيف راودني هاجس أنني سوف ألقاها بين المنتظرين في محطة أتوبيس غرب الدلتا بالإسكندرية ، وسرعان ما طردت هذا الهاجس الغير معقول ، وها أنا أرها أمامي .
ولكنها ردت علي بابتسامتها الهادئة المعهودة أنها تعلم ذلك ولا داعي للقسم ، وكأنها ..وكأنني ..وكأننا علي موعد من القدر .

من بضعة شهور تقابلنا هنا أثناء عودتي إلي دمنهور ، كنت ادرس احد أنظمة حجز تذاكر الطيران وكانت تدرس في مجال الحاسب الآلي ورغم اختلاف مواعيد عودتنا إلا أنني قابلتها عدة مرات نظراً لتأخر الحافلة أو لظروف طارئة والغريب أنني عند كل لقاء كنت استشعر بشده وجودها في محطة الانتظار حتى أنني بمجرد الاتصال علي هاتفها المحمول أجدها أمامي قبل أن ترد علي الهاتف.
في اللقاء الأول استطعنا بعد طول عناء اقتناص مقعدين للجلوس داخل الحافلة رغم الزحام ، إلا أننا بعد أقل من ربع الطريق تخلينا عن المقاعد فقد هممت بالقيام لأجلس سيده لم تتحرك لها نخوة الرجال والشباب الممددين علي مقاعدهم ، فتخلت هي الأخرى عن مقعدها لإحدى الفتيات ووقفنا معا في الممر الضيق بين المقاعد انظر لها وأتدبر... ، كانت تتحدث عن حياتها، دراستها في الجامعة ،عملها في الترجمة عن بعد من خلال الشبكة العنكبوتية ،دراستها اللغات في القاهرة ودراستها الآن في الإسكندرية ، خطتها للمستقبل.. أحلامها ..وأفكارها .
كنت انظر لها بسعادة وفخر أتذكر من سنوات قليله عندما راهنت عليها ، فقد عارضني الجميع أن باستطاعة تلك الخجول أن تقدم احدي فقرات حفلنا الخيري ولكنني ربحت الرهان وأشادوا بها ، وقد كانت نظرتي لها صائبة .
نفس الخجول بمزيد من النضج والاتزان والسعي للنجاح .
مازلت أتذكر اليوم الذي جاءت تودعني فيه؛ فقد أصر والديها علي منعها من الاستمرار في عملها التطوعي ، أحسست بالذنب تجاه دموعها الغير مرئية خاصة عندما أعطتني مسودة قصه من كتابتها مازلت احتفظ بها ، شعرت أنني أعطيتها شيء من جنوني بالأدب والفن لتشقي به ، ومرت الشهور وكان لقائنا الأول في أتوبيس غرب الدلتا لأري بين عينها الآن بريق الثقة لتعطيني كل الأمل افخر به .
سألتها متعجبة كيف أقنعت اهلك وقد عجزت من قبل بإقناعهم بنمط حياتك فأجابتني أن عملها أثناء دراستها منحها بعض من الاستقلال جعلها تملك زمام أمورها ، أي أنها سعت لاختياراتها حتى اقتنعوا .
لم تمنعنا وقتها أرجحة الحافلة علي الطريق من الحديث فاستطردنا في الحوار كنت انظر لها بدهشة وإعجاب ،ينهرني الطريق بعنف فاستند عليها وهي رغم ضآلة حجمها ثابتة في موضعها ، وإذا اهتزت أحاول إسنادها .
وتكرر الأمر مرتان لنستأنف فيه الحوار نتذكر عملنا التطوعي ،تحدثني عن ارتباطها نفسيا بأيامنا تلك وكيف أثرت في أفكارها فاتخذت التغيير والنجاح هدف وأحدثها عن رغبتي العارمة في الاطمئنان علي كل من شاركونا العمل قديما؛ أصحاب المواهب والمبادئ والطاقات الغير موجهة الراغبين في نهضة بلادهم وتحقيق ذواتهم ، عن ولعي بالأدب والجرافيك ولعنة الفن المبتلاة بها .

محطة الأتوبيس تعج بالمسافرين الآن من طلبة الجامعة وغيرهم ولا أمل لنا وعلينا أن ننتظر الحافلة القادمة، انتهزت فرصة الانتظار وسألتها عن حياتها لتخبرني أنها تخرجت مازالت تعمل في الترجمة عن بعد وسبب تواجدها في الإسكندرية حصولها علي منحة للحاسب واللغة الانجليزية وأنها تسعي لمنحة دراسة في الخارج تتمني أن تفوز بها ،سألتني عن حياتي فأخبرتها أنني اعمل أيضا عن بعد في مجال التصميم مع احدي وكالات الدعاية ومازلت اكتب عل احد يقرأ وتواجدي في الإسكندرية لقضاء حاجة ما .
شتتنا الزحام أثناء محاولتنا المستميتة لاستقلال حافلة للرجوع ،داخل الحافلة ابحث عنها بين المقاعد فإذا بها تستقل حافلة أخري ، أراقب وجهها من خلف الزجاج أتأمل هذا الملاك داخل أتوبيس غرب الدلتا ،كنت قديما أمارس عليها سلطة فنية وأنا في قبعة المخرج وكلنا هواه ، واليوم اجلس بين يديها كتلميذة صغيرة أتعلم التخطيط للنجاح وهي محترفة، ويذوب بيننا هذا العام الذي ولدت فيه قبلها .
كلا منا داخل حافلته ولكنني أثق أنها سوف تصل أولا .






تعقيب
: ريهام ماجد " ملاك غرب الدلتا " اعلم انك لن تقرئين همستي تلك ، ربما لا تعلمين أصلا بأمر مدونتي فتعاملك مع الانترنت قاصر علي تسليم وتسلم العمل بريديا لكنها همسة امتنان مني ، همسة امتنان لك ولو أن هناك 100 ريهام ماجد لصلح حال هذه الأمة ،كلي يقين أنني سوف أخبرك بأمرها عندما نلتقي صدفة قدرية داخل أتوبيس غرب الدلتا
همسه امتنان لكل صناع الحياة في مصر وخاصة جمعيه صناع الحياة بالبحيرة والتي جمعتنا معا وكنت يوما ممن سعوا لإقامتها ، امتنان للجنة الإعلام ، امتنان لفريق المواهب صاحب الاسم الحركي الغير معلن (فريق الكوارث ) الذي لم يقدر لي أن أحافظ علي استمراره .
امتنان لحياتي الماضية وكامل الرضا عنها لان بها ملائكة مثلك ، وامتنان للأمل المتجسد في شخصك .



تمت بفضل الله ،

شيماء زايد
4/10/2009

الخميس، 3 سبتمبر 2009

أنت والآخرين ( الجزء السادس )

المستترون خلف الأجهزة

مرحبا بكم علي مدونتي الالكترونية ، طالما أنت هنا فأنت إذن تستطيع التعامل مع الانترنت والكمبيوتر وتتوغل بقوه في عالمه الافتراضي إذن أنت ابن ثورة التكنولوجيا والاتصالات ممن يدخل " الكلك " في نسيج حياتهم .
تري كلماتي الآن من خلف جهازك السحري ، ربما تمتزج معها أو تمر عليها مر الكرام.. أرجوك لا تغلق النافذة الآن دعنا نتحدث عن المستترون خلف الأجهزة .
"الكمبيوتر " نافذة تطل بك علي العالم وعلي الآخرين من خلال عالم افتراضي صاخب ومتنوع عالم من
"الانترنت "
لا قيود فيه ولا حدود وتكثر فيه نماذج البشر .
مرضي التستر

ليس المرض هنا عضوي لكنه واقع ، قف مع نفسك قليلا هل أنت من مرضي التستر ؟
هل تتعامل في حياتك اليومية بمثل تعاملاتك من خلال الشبكة العنكبوتيه
البعض يملك عده أسماء وهميه وعده طباع مختلفة وأكثر من حياة يتجول بها من خلال الانترنت
الغريب انه يتعايش في كل الشخوص.. ويصدقها
الغريب انه يصدق أكاذيبه فيتوه داخلها فتصبح جزء منه ويصبح هو كذبه كبيره

أرجوك حياتك أثمن من إهدارها في حيوات أخرياحذر في تعاملاتك مع الآخرين حتى لا تكون ضحية لهولاء المرضي
لا تدعهم يهدرون وقتك ومشاعرك ويستخفون بعقلك ، لا تدع هذا المرض يتفاقم حتى يتطاول علي حياتك

لا تقل عكس ما تفعل ، ولا تفعل غير ما تقول
قف مع نفسك وتساءل هل تستطيع استئناف حوارك في الحياة اليومية ؛ ذلك الحوار الذي بدأته من قبل في عالمك الافتراضي مع احد الأشخاص ، إن كنت ممن يفصلون بين ما يحدث في الحياة وما يحدث علي شبكة الانترنت فهناك خلل ما لابد أن تتخطاه
حتي لا يسحبك العالم الافتراضي بين خيوطه وتصبح من مرضي التستر والحياة الوهمية .

نافذة بث الكبت!

نعم كهذا يري البعض عالم الانترنت ،عالم بلا قيود أو التزامات
مجال لبث الرغبات المكبوتة
التحرر من الأخلاقيات
أن كنت تري أن الجهاز القابع أمامك ستر ، فهل هناك ستر بينك وبين الله ؟
الغريب أن من هؤلاء من يعرف بتدينه وأخلاقه ونبله بين الناس
أرجوك كفي خداعا ، فأنت تخدع نفسك قبل أي إنسان آخر واعلم بأن ستر الله لا يدوم
عندما تنظر إلي نفسك في المرآة اسألها ... هل هذا الشخص جدير بالاحترام ؟
لا تقبل أي تجاوز من شخصيه مستهترة تتخذ من سترها هذا نافذة لبث سموم نفسها المريضة
اقبل كل ما تستطيع قبوله في حياتك اليومية
وارفض بشده ما لا تقبله في حياتك اليومية ولا تتهاون وتتلمس العذر في انه عالم افتراضي وهمي

اتقي الله حيثما كنت ... لا تشارك في المعصية بعدم تصديك لها فتصبح جزء منها .


المبدعون المهمشون

نوع آخر من البشر المستترون خلف الأجهزة ( المبدعون المهمشون )
من هؤلاء أدباء ومفكرين ومتمردين وأشقياء ،
أصحاب طاقات خلاقه وهمم عالية يتهشمون علي صخره الواقع فيهيمون في العالم الافتراضي متخذين منه متنفس لطاقاتهم
وعندما يتلاقون ..يتآزرون.. يتوحدون معا ويزيد انعزالهم عن الآخرين
مكتفين بعالمهم الخاص
مكتفين بنجاحاتهم السهلة اليسيرة من خلف الأجهزة

أن كنت من هؤلاء فاعلم أن هذا الجهاز يمتص منك آدميتك
يحولك إلي آله تبثه طاقاتك وخلاصه فكرك وروحك ولا يبثك إلا ذبذبات ضاره
لا أقول أن عليك التوقف عن السعي من خلال الانترنت ولكن لا تحجم حياتك به

ابحث عن نوافذ وروافد لك ،
لا تسعي لعالم مثالي بل تقبله وتقبل الآخرين واخرج طاقاتك بصورة آدميه صحيحة
انقل إبداعك وثمارك إلي ارض الواقع بأي صوره ممكنه ولا تكتفي بالعالم الافتراضي
لا تقيد حياتك بجلسة أمام جهاز أصم ، اجعله جزء من حياتك وليس حياتك بأكملها
لا تجعله عائق بينك وبين حياتك الاجتماعية



لا يغرنك التستر خلف الأجهزة والانترنت فتصير من مرضاه تتعايش بأكثر من حياه فتخسر حياتك
لا تجعل مرضي التستر يغزون حياتك
اتقي الله في تعاملاتك فهو وحده المطلع علي الأفئدة
لا تقدم أي تنازلات أو تتقبل تجاوزات ما ، تحت مسمي كونه عالم افتراضي
لا تجعله أداه لعزلك عن العالم الاجتماعي من حولك
لا تكتفي بالعمل من خلف جهاز الكمبيوتر ، ثق أن هناك ألف طريق لبث طاقاتك وإبداعك علي ارض الواقع
وأخيرا
لا تكن أحداً غيرك

الخميس، 20 أغسطس 2009

الاثنين، 10 أغسطس 2009

الهمسة العشرون (عزة نفس)


عزة نفس





(1)
لم تكن لتعترف يوماً أمام نفسها بهذا الضعف، وكيف تلقي قلبها في معركة خاسرة بشهادة كل المحاربين القدامى.
(2)
لم تعد تنظر في المرآة، خشيت أن تقرأ في انعكاسها ما لا تريد أن تعترف به يوماً.
كممت النبض الدافق داخلها، حرمته على نفسها، أمعنت في قتله يوم حاولت أن تقنعه بترديد لحن آخر يجمع بين أنغامه هو وأنغام أعز صديقاتها.. إلا أن اللحن لم يعزف.
(3)
حب..احتياج، أفنت ملايين الزهور علَّ زهرة برية تجيبها يوماً، وكثيراً ما تاهت الإجابة بين دموعها والوحدة.
إلا أنها لم تستطع يوماً أن تلقيه من روحها، وإن كان محملاً بالألم والمعاناة.
(4)
كممت القلم أن يخطو نحوه، خشيت أن يتسرب يوما إحساسها فيضيع معه كبريائها.
وعندما كتبت سألتها:
- لم؟
أجابت:
- إن لم يشعر بما أخفيه فلن يشعر بما أعلنه، هذا القلب القابع داخل صدري لا يكسرني، وإن حاول سوف أحرقه، حتى يتفحم فأسحقه، فيصير رماداً أنثره في بحار من عزة نفسي.
(5)
أفضض ورقة مطوية ملقاة في جانب مهمل، أقرأ ما كتبت؛
"ألم تر في الأعوام السابقة!، ألم تستطع رؤية وجهي من خلال مياه الخليج المالحة.. طالما سقط مني وأنا أحدق في ماء النيل بحثاً عن وجهك المطبوع على ذاكرته.
واليوم، تحررت من لعنتك، عندما نثرتك بين كلماتي
".


تمت بفضل الله،

شيماء زايد

16/7/2009

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

الهمسة التاسعة عشر (تنديد)

تنديد



تعالت صيحاته مندد بما سوف يقترفونه من عمل ، إلا انه لم يجد منهم سوي لا مبالاة مطلقة ونظرات ازدراء مستكملين ما بدؤه من حفر
لم يتوقف عن الرفض والشجب توعدهم بأشد العقاب ، دون جدوى
وعندما وجدهم يلقون بالصغير في القبر حاول استعطافهم علهم يرحمون ، إلا أنهم أهالوا عليه التراب واحكموا الدفن حتى لا يتسلل إليه شيء من نور .
لاحقهم باللعنات والسباب حتى رحلوا تاركين خلفهم المعاول
نظر إلي القبر وإلي قميصه الأبيض الناصع ، واكتفي بان كتب هنا يرقد فلان ابن فلان "دفنوه حيا".

تمت بفضل الله ،
شيماء زايد
الثلاثاء 2/6/2009
الثانية ظهرا

السبت، 16 مايو 2009

الترنيمه الثالثة (أسر المعصية في أخيلتنا فقط)


أسر المعصية في أخيلتنا فقط

بقلم مي القوني
حقيقة لم يكن هذا هو اسم ترنيمتي من زمن ليس ببعيد فقد كان اسمها فقط "أسر المعصية" ، ولكن من حين لحين تجد العقل يطرح فكراً جديداً و الفكر يطرح سلوكاً جديدا و قلما جديدا ومدرسة الحياة ترويك من مائها الجاري فالجمود فقط هو النهاية ، فتغيرت الأفكار وتبدلت الكلمات فبدلا من كانت ترنيمتي فقط "أسر المعصية" أصبحت " أسر المعصية في أخيلتنا فقط" وفي النهاية ستدركون لماذا :

هل أسرتك يوما معصية فوجدت نفسك ترنو إليها وكأنك مسلوب الإرادة .. تذهب إليها لا تدري لماذا ... ولا من يقودك إليها ... بلا تفكير ودون وعي ... و إذا بها لذة غير مكتملة .. لذة بلا فرحة بلا أمان بلا كيان ... ترجو منها السعادة فلا تجدها ... وسوي الهموم و الحزن بعدها لا تجد حيالك .. وتعود و تفر من الله إليه و تبكي و تشكي نفسك إليه ... وتأخذك الأيام وتعود للذنب تارة أخري وتخوض وقد يزيد الذنب عما سبق و ينتشي القلب للحظات ... وإذا بالضيق يسكن القلب و الدمع يملأ العين والفكر يعشش العقل وإذا بالنفس دار خاوية تقطن بها غريبا بلا أنيس وحيدا بلا صاحب يسكنها الظلام ... حقا إنه أسر المعصية ... أسر بلا قيود ... صراع يأخذك فلا تجد أمامه حيلة و لا سبيل ...

ترسم في خيالك صورا من حياة طيبة ملؤها ألوان جميلة زاهية كزهور زين جبينها ابتسامة الندي لا تعبأ بالهموم و لا الأحمال في ظل العيش في كنف الله ... و إذا الذنب يحطمها يدمرها ويملؤها بدلا من الألوان رمادً فتزداد عتامة وكآبة... رماد هَدْْم دار الفطرة و الصفاء ... ويعود الأسر يكبلك يقيدك عائدا إليه بلا مقاومة ... تبحث عن قشة تنقذك قبل أن تستسلم للغرق في بحور المعصية وأهوالها ...

تُري من يقودنا للمعصية ؟!.. أتلك الجوارح فالعين تنظر و الأذن تسمع و اللسان ينطق و اليد تبطش و القدم تمشي للمعصية ؟!! ... أم أنها مجرد أدوات يديرها أهم محرك في الانسان ألا و هو القلب ... تلك المضغة الرقيقة الصغيرة التي تقدر بقبضة يد الانسان ... القلب الذي حين يُذكر ... تُذكر المشاعر و الأحاسيس و الحنين و الحب ... ورغم هذا كان هذا القلب هو القائد للذنب الذي يأمر فتلبي الجوارح النداء دون تفكير أو تروي ... فصدق من لا ينطق عن الهوي " ألا في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله " ...

حقا تلبي الجوارح .. و آه من تلبية النداء ... فتأوي إلي فراشك بقلب مكسور جريح .. يستحي ممن خلق ووهب النعم و أعطي ومنح ... فشغلتنا عطاياه عنه ... وتجرأنا عليه بها ... فعندما سترنا وأسدل علينا ستائر الستر عصيناه ... و تجرأنا عليه و استأثرناه عن الناس أن يرانا بقلب المعصية ... فإذا به يسترنا و يمهلنا ... و عندما أتخذنا هوانا إلها لنا إذا به ينتظر رجوعنا ... وعندما نتباهي جهرا أنه لنا خليل وسرا عن أذهاننا بعيد إذا به يفرح بتوبتنا و أوبتنا إذا به أرحم بنا من أمهاتنا ...

رغم كل هذا نعود ونزيد و يأتي ليل أثر ليل و نهار وراء نهار وينكت في القلب نكته سوداء تلو نكتة في غفلة منا فإذا به سواد عظيم ... وإذا نداء السماء يعلو عبدي أنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة

فهل نحن مسلوبي الإرادة أم الضعف أقوي منا ..أم أنه وهم سيطر علينا لا حقيقة له

ان هذا الأسر ما هو إلا اسر أخيلتنا التي رأت المتعة في الاستسلام و المقاومة في اليأس والذي لا يقوي عليه إلا مثله .. اسر العقول التي جعلتنا نري السعادة في الذنب و الضيق في الطاعة .. فالقوة منك و الخطوة الأولي عندك فخذ القرار الآن و لا تترك أفكارً وهمية تسيطر عليك .

فلتسيلي يا دموعي و املأي بحور الكون لتمسحي ذنوبي و لتأن يا قلبي لتمحي خطاياي ... و لتفرحي يا نفسي بتوبتي و مغفرة رب السماء و تحطيم اسر العقل وليس الذنب و هبي لجنة عرضها السماوات و الأرض .. فلم يبقي وقت كي يضيع ..

رباه يا حسبي يا ولي لا تدعني فردا كن عوني وولي واجعلني أمام معصيتي أقوي و من توبتي أقرب يا أرحم الرحماء .......


الطائر المغرد

مي القوني

السبت، 18 أبريل 2009

الهمسة الثامنة عشر (ناعمة لكنها جارحة )



انسابت حبات الرمال في ود وألفة بين أصابع يد جمعتها وأخذت تداعبها.. لم تكن تدري أن اليد نفسها سوف تقذف بها في السعير.

أخذت حبيباتها تتدحرج في كل اتجاه بحثاً عن منفذ للهروب من هذا الجحيم بلا جدوى، فاستسلمت في النهاية لألسن نيران قاسية، ألهبتها كأسواط عذاب، وذاب ألمها معها...إلا أنها غفرت كل شيء عندما وجدت نفسها زجاجاً براقاً شفافاً وجذاباً...قارورةً ينساب داخلها الماء البارد، ويلاطف جدرانها، حتى كسروها.

الزجاج المكسور لا بد أن يكون حاداً، إلا أن حديتها لم تنفعها كثيرا...لم تعد تحمل الماء كسابق عهدها، فكان مصيرها أن تلقى على الطرقات، وازدادت تحطما وتهشما حتى انسحقت.
..عادت من جديد حبيبات صغيرة ناعمة، لكنها جارحة، تدمي كل يد تحاول أن تعبث بها.




تمت بفضل الله
شيماء زايد
18 ابريل 2009
الثامنة صباحا

الخميس، 26 مارس 2009

عام من الهمس


بدأت التدوين في السادس والعشرين من مارس 2008 ، اليوم عيد مدونتي الاول .

كانت همساتي ضعيفه مكتومه بدأت تقوي عنما وجدت اذان صاغيه قادره علي التقاطها والاحساس بها .

علي مضي عام كانت لي بين ايديكم سبعة عشر همسة وخمس اجزاء من سلسلة انت والآخرين،كما شرفت المدونه بترنيمتان لمي الحبيبة (الطائر المغرد)

نظرت في اسطلاع الرأي القديم فوجدت واحد وخمسون رأي

44 يقولون عن المدونه شيقه ... اسأل الله ان يجعلها دائما عند ظنكم

6 يقولون انها جيده ... منحتموني رأيكم بصدق لذا سوف ابذل جهدي لتليق المدونه بصدقكم

1 يقول انها ممله ، رأيك يحترم واعذرني علي ما سببته لك من ملل

ان اجدت فاسألوا الله ان يكون عملي خالصا لوجهه ،وان اسأت فقوموني

قرائي الكرام ، اصدقائي ، اهلي ، اصحاب المدونات ، المتابعين الجيدين الغير معلقين

شكرا لكم

وانتظر هدايا مدونتي في عديها الأول ، ولتكن هداياكم هو رأيكم بصدق في انتاج العام ماضي ، توجيهاتكم للقادم ، رأيكم في مظهر المدونه الجديد واخيرا مشاركتكم في استطلاع الرأي الجديد


مع خالص حبي ،

شيماء زايد

السبت، 14 مارس 2009

الهمسة السابعة عشر (بيت المرايا)

بيت المرايا



في الرحلة تتوه منا ، تضيع ، تطمس ملامحها تتواري خلف السطح الظاهر .
هي الحقيقة ، حقيقتنا المجهولة التي نفني العمر ركضا وراءها في رحلة البحث عن الذات .
في الرحلة يضنينا البحث ، نفتش في الوجوه نلتمس جواب ، أمان ، حنان
والزاد مشاعر والماء إيمان.
في ظل شجيرة من تحدي يكسوها أوراق الأمل الخضراء قابلت رفيق ؛ جمعنا تحت ظلها قسوة سعير الشمس المحرقة و حدثني عن ذاك البيت المسحور .
بيت من مرايا تتجلي فيه الحقائق ، نري مكنوناتنا وكل مكنون ...
فيه تتحرر الروح من المادة فتسمو الأطياف محلقة بلا أحقاد وبلا أصفاد ، فيه تتواري النفوس الخبيثة فنور الحقيقة يمحو كل خبيث.
إصرار في عيني رفيقي قد جعل من البيت يقينا ، فمضيت أفتش عن المرايا ... بيت المرايا .
والرحلة تطوي مراعي وحدائق وصحاري قفار لا نعدم فيها الصبار .
كلما ضللت طريقي فتشت عن ذلك الرفيق الذي اخبرني عن بيت المرايا فأجده يبحث في الوجوه البعيدة .
- ألا تخبرني عما تبحث في الوجوه ؟
- ابحث عن دليل ... عن مرايا
- وهل في الوجوه البعيدة دليل
- لا ... ولكني أتساءل من منهم قد يصل معي ، من منهم قد يسبقني ، ومن هناك الآن يري الحقائق ويحلق بين المرايا .
ومضيت أفتش أنا أيضا في الوجوه ، لكنني بحثت في الوجوه القريبة ، فوجدت خلف كل وجه يختبئ وجه ،أو ألف وجه .
ووجدت ضالتي فيما خلف الوجوه ، وجوه ارتضيتها لي سكن وجوه علمتني الكثير ، ووجوه تحملني للتحليق .
واستوقفتني عيون وجدت فيها مرآتي ، عيون أرتني حقائق كنت اجهلها وقادتني نحو ذاتي .
وجمعني برفيقي ظل شجرة من جديد ، شجرة من إصرار
- أمازلت تبحث عن بيت المرايا
- وسوف أظل ابحث
- وهل ما زالت تفتش في الوجوه
- نعم
- وأنت تفتش في الوجوه انتقي الأقرب ، عندها فقط سوف تجد بيت المرايا
- وهل وجدته ؟؟
- أما زلت تسأل ، بيت المرايا يا رفيقي هو الطريق ، ابحث في العيون عن المرايا تجد الحقيقة ؛ ألا نستكمل طريقنا ؟
- الشمس محرقة ..
- لا تقلق ؛ غدا تحنو علينا الشمس

تمت بفضل الله
شيماء زايد
14مارس 2009
الثانية صباحا

السبت، 28 فبراير 2009

الترنيمة الثانية (أنا والدنيا ... أوراق مبعثرة)

أنا والدنيا ... أوراق مبعثرة

بقلم مي القوني



ما زلت كباقي الناس على وجه هذه الأرض ألملم بهم من كل مكان ... ابحث عما ينقص منهم ... لعلي أجد بعضهم و أنا أجول في طريقي عبثا حينا ... و حيناَ آخر أجد غيرهم عندما أتخبط في الدروب القريبة و البعيدة ...

هي الدنيا التي رأيتها ككتاب مبعثرة أوراقه .... في كل مكان وفي كل زمن ، بين الناس ، و في الطرقات ، و في العيون ، داخل القلب ، بين طيات الأعمار ، داخل أعماق البحار ، فوق السحاب ، بين أسراب الحمام ....

مازلت ابحث عن معانيها أحاول فهم ما فيها ... و كل ما زاد عمري أراها مختلفة جديدة غريبة حتى آلفها فأعي معناَ جديد ، فأراها مختلفة جديدة غريبة حتى آلفها و هكذا و كأنها ورقة جديدة أضيفت لرصيد صفحات كتابي السابقة ...

فسطور تحكي عن الدنيا في عيون الناس أراها جميلة في عيون .. تنبض بالأمل في عيون .. تقبضني حين ألمس بها الخيانة تنطق ما لا تخفي فاعلم أن الدنيا خائنة .. أما تلك العيون كما النسور علمتني التحدي فلن تهزمني الدنيا و لن تعجزني .. وجدت نفسي بداخلها تلك العيون التي علمتني الحب وكيف أنه يروي العروق كيف يُسكن الأمان في النفوس و عيون الخوف و عيون الحلم و عيون و عيون .....فكانت العيون أوراق لفصل في كتاب الدنيا ...

كتاب الدنيا فصولا كثيرة و أبواب عديدة به أنغام و ألحان آهات و آلام .. أحلام و مخاوف .. به حب وكره .. به أمن و وجل .. به دعة و نصب .. يأس وأمل .. ابتسامات و دموع .. ظلام و نور..

الدنيا التي تسقينا تجارب و تنهل علينا يوما بعد يوما بأحلام جديدة .. يتلو تحقق الحلم حلماً أكبر و أعظم .. ونحن معها نسير بعضنا يعلم إلى أين وآخرون هائمون لا يدرون إلى أي مرمي ذاهبون ...

صفحات تلو صفحات تزيد يوما بعد يوم .. ولكن العجب كل العجب كيف رأيت كل منا كيف يحمل كتابه .. هل كلنا نتدبر ما بها من الكلمات و نعيد عليها النظرات فنتبين الخطأ و الصواب أم نضع نصب أعيننا نظارة سوداء أم نكتفي أن نحمله بين أيدينا بلا معني ونقول هي الدنيا ...

من منا يجمع أوراق الدنيا ليراها كاملة فلا يتخبط بين أحجارها .. فلا يعجز.. فلا يسقط من أعلي جبالها لأنه رأي في كتابه معالمها الصحيحة .. لا ييأس لأن الدنيا علمته أن الفشل بداية النجاح ... لا يجزع لأن الله خالقها و باريها ... و هل أحد منا يري الدنيا ويفهم كل معانيها ..

و حين تركت لكتابي العنان لينطق معبرا عما في أغواره فإذا بسؤال ينطلق من بين طياته في أي مرسي ستركد سفينتي .. وكثيرا ما أسال نفسي هل أخذتني دنياي لطريق صحيح أم ضللتني فلا زلت أعبث و أحاول في طريق خطأ ، و إن كان فهل ستعيدني إلى صراطي الصحيح ..

و لا زلت أقلب في وريقات كتابي مبتسمة الذي أجزم أنه لا زال صغيرا ففيها الكثير و الكثير ، فإذا بعيني تسبح في السماء تتعجب من حال دنيانا أو بالأصح من يعيشون بها فإذا بها تجول بين من رأتهم وتري حالهم .. كيف أن كل من فيها يضع نفسه داخل إطار ضيق به مرآه لا يرى إلا نفسه فهو فقط المضحي الذي يبذل و يعطي و يصاب و يبتلى ... و حين اسمع ذكرياتي فإذا بي من هؤلاء فترقرقت عيناي لتمتلئ بالدموع لأني كنت آخر من نظرت عليه .. فإذا من تقليب كتابي تضاف صفحة جديدة تؤكد ـأن أخطاء الآخرين دوما مصابيح تضيء أمام أعيننا أما أخطائنا فهي دوما مظلمة لا نراها فليجمع كل منا أوراق الدنيا المبعثرة و يقلب كتابه علنا نتعلم .

فإذا فجأة بكلمات توقظني من غفلتي و تعيد عيني من بعيد .. كلمات من وحي صفحات كتابي و ما كتب به .. تضع نفسها عنوان لكتاب دنياي فكلماتي تقول أن :

" الأمل هو الهواء الذي سيحي كل طائر مغرد و أن ماتت كل المعاني ... "

الطائر المغرد

مي القوني





السبت، 14 فبراير 2009

الهمسة السادسة عشر (كفر داوود)


في استراحة المحطة حيث المقعد الخشبي الوحيد والمتهالك كذلك ، داخل الحجرة التي تراكم علي أرضيتها الغبار ، حتى انه أصبح من المستحيل أن تدرك اللون الأصلي للأرضية .
جلست ووجهي للجدار أراقب الحائط الذي انكشف أسفله فطلت أحجاره من بين الشقوق ، وامتدت العبارات المحفورة علية حتى السقف العالي قديم الطراز .
أسماء أشخاص وبلاد وعبارات متنوعة محفورة في الطلاء الجيري المتساقط ، حتى يظن الناظر من بعيد أنه أمام لوحة سريالية مبهمة .
فإذا اقترب ودقق النظر طلت التفاصيل لتعلن عن مضمونها .
في محطة كفر داوود ها أنا انتظر القطار وأتأمل الرحلة .
رحلة الذهاب ورحلة الإقامة ورحلة العودة .
وما بعد العودة يحلق كعلامات استفهام مجنحة حول علامة تعجب كبيرة .
منذ قليل مررت علي صحراوات شاسعة علي مد البصر ، يكسوها كثبان رملية صفراء ما بين مرتفعات ومنخفضات ،
لا نعدم فيها اللون الأخضر يشق طريقه – ولو مختنقا- بين الرمال ، يقاوم من أجل البقاء ، يناضل من أجل الحياة .
ها هو القطار يطلق صفيره ، وعلي أن ألحق به .
من شباك القطار المحطم الزجاج أراقب اللون الأخضر يزداد شيئا فشيئا، نباتات الصبار صامدة علي حواف الحقول الرملية التربة ؛ تلك النباتات الشائكة الصلبة المظهر التي لا يكشف مظهرها ما تحتويه من سائل رخو داخلها.
كبرياء النخيل يأسرني وأتعجب لحال الطيور المحلقة في هذا الطقس القارص البرودة ، والقطار يسير .
وطائر أبو قردان مازال يمارس عمله في الحقل وإن أحالوه للتقاعد.
وكأن الطبيعة كلها لا تعرف الاستسلام ، تلك الطبيعة نفسها التي لم تسلم من أيدي العابثين .
منذ قليل كنت أظن أن محطة كفر داوود تحمل ورائها مناظر أكثر بشاعة وخراباً، والآن ، وما بعد الرحلة ...
تتضاءل علامة التعجب أمام عيني ، وعلامات الاستفهام تضرب بجناحيها الهواء .
ها نحن الآن في محطة قطار إيتاي البارود ،
منعطف آخر علي أن استقل منه سيارة إلي دمنهور .
من حسن الحظ أنني انتظرت قليلا ليكتمل عدد الركاب ، هذا الانتظار نفسه الذي اعتبرته في البداية من سؤ حظي .
أتاح لي الانتظار أن أتأمل وجوه الراكبين ؛ وجوه حزينة مكسورة وعيون منطفئة ، والجميع يترقب الراكب القادم تحت سحابة من الملل والتبرم.
واكتمل العدد وإن لم يغير من انكسار الوجوه وانطلقت السيارة ، فآثرت متابعة الطبيعة من الشباك الذي جلست جواره كعادتي .
ها أنا علي الطريق الزراعي ، ثلاث وسائل مواصلات للانتقال من مدينة السادات إلي دمنهور علمتني الكثير .
علمتني كيف يحول الإنسان وجهته من الطريق الصحراوي إلي الطريق الزراعي من كفر داوود .
هاهي الأشجار تصطف علي جانبي الطريق ، مازالت صامدة .. ومازالت تيجانها خضراء تزهو تحت أشعة الشمس الذهبية .
نعم أعمدة الإنارة المعدنية تفوقها عددا إلا أنها لم تتلاشي .
ها أنا أراقب الخضار ، أراقب الجمال الذي يئست من لقاءه بعد كفر داوود .
تتلاشي علامة التعجب في الأفق ... كان يلزمني إذن نقطه تحول مثل كفر داوود لأسلك الطريق الزراعي.
ها أنا في دمنهور ، وعلامات الاستفهام تحلق في كل اتجاه تبحث عن أجوبة فيما بعد الرحلة .
- إلي أين ؟
- شكرا لا أريد سيارة أجرة .
- لن تجدي سيارة أخري لتقوم بتوصيلك.
- استطيع الوصول وحدي .


،تمت بفضل الله
شيماء زايد
2 فبراير 2009
9 ص

الثلاثاء، 10 فبراير 2009

التاج ما له وما عليه

أولا اسمحولي اكتب بالعاميه المصريه علي غير خط سير المدونه ولكن لان المناسبه مختلفه فهو تاج
والتاج في عرف المدونين عباره عن مجموعه اسئله بهدف التعرف علي شخصيه المدون

وانا بصراحه مليش في التيجان بس التاج المره دي مش من اي حد ده من قريبتي وحبيبتي وصاحبتي حنان صاحبة مدونة رياح الحنين
(بنت خالي ), بجد يا حنونه لو التاج ده من اي حد تاني مكنتش قبلته
انا دايما مؤمنه ان الانسان بيفضل طول عمره يتعلم جوه نفسه ويكتشف فيها ، علشان كده انا مش حقدر اتكلم عن نفسي ولا حعرف احكم عليها
يا حن معلش سامحيني انا حجاوب اللي حقدر عليه والباقي متروك لاصاحبي وحبايبي هما اقدر علي الإجابة


السؤال الأول : بدأتِ التدوين امتي ؟ودخلتِ العالم ده ازاي ؟

بدأت التدوين في 26 مارس 2008 ، دخلت العالم ده فجأة لاني طول عمري تقريبا بكتب لنفسي ومكنتش بحب انشر لحد ما قريت مقال لشريف عرفه عن تسويق الموهبه فعملت اسبيس علي الهوت ميل ونشرت علي الفيس بووك وكنت حاطه المدونه كخطوه بعيده المدي ويشاء القدر ان ايملاتي تتسرق وبالتالي الاسبيس بتاعة الهوت ميل وحساب الفيس بووك فكانت المدونه فجأه وبدون سابق انذار

السؤال الثاني : ايه كان انطباعك في البدايه ؟

التدوين متنفس من لا متنفس له

السؤال الثالث : مين اكتر حد بتحب تعليقه عالبوست الجديد ؟

حد حاسس كلماتي قبل ما يكون فاهمها (:

السؤال الرابع : ايه أهم حاجه اتعلمتها في عالم التدوين ؟

الكتاب تربطهم علاقه اقوي من الرحم واصدق من الدم

السؤال الخامس : ايه اكتر حاجه كرهتها ؟

اكتر حاجه كرهتها في التدوين الربط بين السياسيه والتطاول يعني بحس ان في فئه مش بسيطه بتعبر عن أراءها بصفاقه شديده
مهما كان رايك صح ومهما كانت وجهة نظرك لازم تعبر عنها باحترام ، لازم تتوجد ثقافة الاختلاف والاحترام

السؤال السادس : حاسس ان التدوين ليه تأثير ؟

التعبير ليه تأثير والتفكير له تأثير والاحساس له تأثير والتنفس حياة ، علشان كده التدوين له تأثير وتأثير قوي جدا سواء سلبي او ايجابي علشان كده انا بحمل المدونين مسؤلية كل حرف بيكتبوه

السؤال السابع : تهدي التاج لمين ؟

دي اكتر حاجه حيرتني بس ممكن نقول الورده البيضا صحيح انا معرفهاش شخصيا ولا علاقتي بيها جامده اوي بس بحس ان كلماتها بتكمل كلماتي وافكارها بتكمل افكاري وبجد حبيتها جدا في الله

التاج التاني ويا خوفي منه

السؤال الأول : اذكر ستة اسرار لا يكتشفها من يقابلك لاول مره ؟

السؤال ده متروك للي يقدر يجاوب

السؤال الثاني : سبع حاجات نفسك تعملهم ؟

(1) نفسي اكون أنا ، أكون نفسي
(2) نفسي اركب حصان واجري علي البحر ، يجري الحصان ميقفش ولا حاجه تعطله
(3) نفسي اعمل حاجه للجيل الجاي علشان اولادي ميلمونيش ولو سألوني عملتي لينا ايه اقدر اجاوب
(4) نفسي احقق مشروع العمر رؤيتي البعيده واللي مينفعش اصرح بيها
(5) نفسي اوي اطلع عمره او حج في اقرب وقت ادعولي
(6) نفسي في عروسه ودبدوب ومخده علي شكل قلب وورده روز
(7) نفسي املك عصاية سحرية تمحي الشقي من وشوش الناس
السؤال الثالث : سبع حاجات معرفتش تعملهم ؟
(1) عدم التفكير
(2) التركيز في الدراسه طبعا
(3) التنازل عن مبادئي
والباقي متروك برضه للي عنده اجابه

السؤال الرابع : سبع حاجات دايما بتقولهم ؟
(1) ما علينا
(2) الحمد لله
(3) اوكي
(4) ماشي
(5) ربنا يكرمك
(6) نعم
(7) ايه

السؤال الخامس : سبع مشاكل في حياتك ممكن تحلهم بالفلوس ؟
يا ريت كل المشاكل نقدر نحلها بالفلوس
المشكله في النفوس مش في الفلوس

السؤال السادس : سبع اماكن بتحبهم ؟

(1) كورنيش دمنهور
(2) بحر اسكندريه
(3) بيتنا اللي في البلد
(4) مدينة السادات
(5) مسرح مجمع مبارك ومحدش يسأل ليه
(6) كل مكان وكل شارع وكل جدار وكل حبة رمل كان ليا معاها ذكري حلوه او مره
(7) استاد دمنهور

السؤال السابع : اشخاص بتحبهم غير ماما وبابا واخواتي ؟

حقول مين ولا مين
اصحابي وقرايبي ومعارفي ، الحمد لله انا اكبر نعمه من ربنا عليا البشر دايما بيرزقنا بناس نقيه
ممكن اقول دينا سيف الدين ، مي القوني ، سهام السعداوي ، مروي النجار ، الشيماء تاج الدين وطبعا انتي يا حنونه
عمر وحازم ولاد اختي وحسن ابن اخويا
كل صناع الحياة بجد انتم غالين علي جدا وانا بحبكم جدا جدا من اسكندريه لاسوان انتم شباب نضيف وعايز يعمل
خالي د سمير الشافعي وخلاتي وعيلتي كلها زوجات اخواتي (طبعا معزتهم من حبي لاخواتي )
ناس كتير اوي دكتوره منال ، علا ، جيهان ، سارة
كل انسان عنده فكر واخلاص وبيسعي بحبه في الله

السؤال الثامن : مدونين بتحب تقرالهم ؟
طبعا ابيه ايمن (ابن خالتي ) صاحب مدونة الينابيع الحزينة ، الوردة البيضا ، واكيد حنونه (رياح الحنين ) ، وموناليزا وناس كتير جدا جدا

السؤال التاسع : تمرر الواجب ده لمين ؟
الورده البيضا

س : ايه الحاله اللي بتكون فيها وانت بتكتب وايه طقوسك ؟
معرفش غير انها حالة من اللا وعي الواعي ومحدش يقولي ازاي

الجمعة، 23 يناير 2009

الترنيمة الأولي (الأمان قد يكون انسان)

نهمس ... نصمت ... نشدو ...نصرخ ...ينساب البوح أحياننا ... نلتزم الصمت احياننا ... نحتاج أن نسمع ايضا ترانيم صديقة ، ترانيم رقيقه ، ترانيم عميقه ... صديقتي الحبيبة " مي القوني " مرحباً بترانيمك ايها الطائر المغرد علي مدونتي المتواضعه


شيماء زايد




الأمان ...قد يكون ... انسان
بقلم مي القوني


الأمان .. كلمة غير ملموسة وقد تكون في الواقع غير محسوسة فقدناها في ظل تلك الحياة المادية العارمة ... و التي حولت أمواج المياه الرقيقة التي تبعث لنا نسيما يملأه السكينة و الأمان في دفء الشمس إلي أمواج شديدة تحاصرنا تخنقنا في ليالٍ مظلمة مخيفة يملأها الرعد والبرق ...

ماذا يعني الامان بالنسبة اليك ؟ قد يكون الأمان مالا أو مأوي أو سلطة هو ما يجلب إحساس الأمان للانسان قد يكون رمزا أو صورة ، قد يكون انسان وما أدراك ما الانسان ...

كيف تري الأمان في انسان... فتشعر بالسكينة... بالإطمئنان يُجلي الخوف من صدرك ... الخوف الذي يتسلل إلي نفوسنا الآن في هذه الدنيا فيملأنا إحساس بالغربة وإذا بك تشعر أنك امتلكت العالم بيديك و أنت بين يديه حين تراه أو حتي حين تهب عليك ذكراه ... وأن الشفاة بالبسمة تجود ... و الفرحة في النفس لا تموت ... وحين تفرق الدنيا الطريق تنكسر العين واذا بزفرة تهب من صدر يشتاق ...

رأيت الأمان في عين الأم التي تحضن قبل أن تمس التي تنثر عبير الحب بلا حدود...

رأيته بين الزوجين الحبيبين شرطين متلازمين ... فإن فُقد أحداهما فُقد الأمان بلا جدال ... رأيته يُسكن قلب بجوف فؤاد الآخر ...

رأيت الأمان في نفس انفلقت نصفين فكانت أخوين ... أو اختين ... أو أخ و أخت ... ورأيت حبهما وخوفهما ورأيت قربهما رغم بعدهما و رأيت حسهما ببعضهما...

رأيت الأمان بين صديقين رفيقين في دروب الحياة الطويلة ... في الفرح و الحزن في الضيق و الفرج .. و لو كنتم في ليلة بكماء سمائها ظلماء فأن تعصر يديه و تلصق كتفك في كتفه فهذا كافٍ أن يملأ جوفك بالأمان ... فلو كل عيون الناس رأت الخوف ، يعشش في قلوبكم الأمان ...

رأيت الأمان في القدوة ... حين أنظر إليها من أسفل إلي أعلي .. حين أوقن أني سأجد من يأخذ بيدي إن تعثرت في الطريق يربط علي كتفي يعلمني دون أن أشعر بخوف أو وجل .. فأعلم أن هناك من يحرسني ويرعاني فضلا عن علم وخبرة يتركني لأتعلم ويحميني علي حافة الخطر فكانت قمة الأمان ....
وقد تفقد كل هذا في برهة ودون مقدمات وتجد الوحدة وسط الناس و الخوف في مأواك ... أتعلم أين تجد الأمان ؟!!

حين تعلم أن هناك من ينتظر منك الأمان فتفرد جناحك كي تطوي من يحتاجك تحت جناحيك ... حين تداوي الجراح وتنشر الظلال علي من يلهث إليك وتمسح عرق جبينه ... وهنا فقط تشعر أن أمانك في عطائك تشعر بالأمان لأنك منحت أحد إياه ..........

الطائر المغرد
مي القوني

الجمعة، 2 يناير 2009

الهمسة الخامسة عشر (حفلة البلاستيك)




في البيت الكبير ذي الجدران العتيقة كل شيء قديم ،الستائر الناعمة المنسدلة من الحرير الطبيعي ،الأثاث الكلاسيكي المتقن النقش ، السجاد اليدوي الصنع ، الأواني النحاسية الثقيلة ، قنينة الحبر –الجاف- القابعة فوق المكتب المهجور.
كل شيء ثمين ،كل شيء قديم عدا نحن .
في البيت الكبير نسير بأحذيتنا ذات النعال البلاستيكية ، نضع الأقنعة البلاستيكية
، نحمل هواتف نقاله بسماعات صغيرة بلاستيكية نصم بها آذاننا، نحمل أقلام من بلاستيك – لا تجف ولا تكتب- ، ونسيج ملابسنا كذلك تدخله خيوط بلاستيكية .
في البيت القديم نقيم احتفالنا المعتاد بزينات بلاستيكية ، بابتسامات بلاستيكية ،
بكلمات روتينية وتحركات آلية .
كلاً منا داخل عالمه الخاص ، كلا منا حبيس نفسه ، نتعامل بمشاعر بلاستيكية.
مبخرة جدي تأن ، وصدي الأنين يردده جدران البيت الكبير ، حاولت أن أزيل من فوقها غبار السنين ، فهدأ أنينها وإذا بالدخان ينبعث منها ، تلوي الدخان في الهواء قليلا فغير لونه وتجمع مكوننا كلمة واحده ، كلمة من دخان كتبت علي صفحة الهواء "بلاستيك"
عندها تشقق غلاف من بلاستيك كسا جسدي من أمد بعيد ، تحسست صدري فلمست بأناملي بلاستيك.
عندها رفضت أن أحيا بنبضات من بلاستيك .
وضعت قلبي في المبخرة ففاح الحنين.
ذاب البلاستيك فرأيت ابتسامتي الثمينة ، ابتسامتي القديمة
في البيت الكبير حيث كل شيء قديم .

تمت بفضل الله ،

شيماء زايد

21/12/2008


إهداء لكل من استطاع إذابة البلاستيك ، وخاصة اثنين أقلامهم تكتب ولا تجف