السبت، 16 مايو 2009

الترنيمه الثالثة (أسر المعصية في أخيلتنا فقط)


أسر المعصية في أخيلتنا فقط

بقلم مي القوني
حقيقة لم يكن هذا هو اسم ترنيمتي من زمن ليس ببعيد فقد كان اسمها فقط "أسر المعصية" ، ولكن من حين لحين تجد العقل يطرح فكراً جديداً و الفكر يطرح سلوكاً جديدا و قلما جديدا ومدرسة الحياة ترويك من مائها الجاري فالجمود فقط هو النهاية ، فتغيرت الأفكار وتبدلت الكلمات فبدلا من كانت ترنيمتي فقط "أسر المعصية" أصبحت " أسر المعصية في أخيلتنا فقط" وفي النهاية ستدركون لماذا :

هل أسرتك يوما معصية فوجدت نفسك ترنو إليها وكأنك مسلوب الإرادة .. تذهب إليها لا تدري لماذا ... ولا من يقودك إليها ... بلا تفكير ودون وعي ... و إذا بها لذة غير مكتملة .. لذة بلا فرحة بلا أمان بلا كيان ... ترجو منها السعادة فلا تجدها ... وسوي الهموم و الحزن بعدها لا تجد حيالك .. وتعود و تفر من الله إليه و تبكي و تشكي نفسك إليه ... وتأخذك الأيام وتعود للذنب تارة أخري وتخوض وقد يزيد الذنب عما سبق و ينتشي القلب للحظات ... وإذا بالضيق يسكن القلب و الدمع يملأ العين والفكر يعشش العقل وإذا بالنفس دار خاوية تقطن بها غريبا بلا أنيس وحيدا بلا صاحب يسكنها الظلام ... حقا إنه أسر المعصية ... أسر بلا قيود ... صراع يأخذك فلا تجد أمامه حيلة و لا سبيل ...

ترسم في خيالك صورا من حياة طيبة ملؤها ألوان جميلة زاهية كزهور زين جبينها ابتسامة الندي لا تعبأ بالهموم و لا الأحمال في ظل العيش في كنف الله ... و إذا الذنب يحطمها يدمرها ويملؤها بدلا من الألوان رمادً فتزداد عتامة وكآبة... رماد هَدْْم دار الفطرة و الصفاء ... ويعود الأسر يكبلك يقيدك عائدا إليه بلا مقاومة ... تبحث عن قشة تنقذك قبل أن تستسلم للغرق في بحور المعصية وأهوالها ...

تُري من يقودنا للمعصية ؟!.. أتلك الجوارح فالعين تنظر و الأذن تسمع و اللسان ينطق و اليد تبطش و القدم تمشي للمعصية ؟!! ... أم أنها مجرد أدوات يديرها أهم محرك في الانسان ألا و هو القلب ... تلك المضغة الرقيقة الصغيرة التي تقدر بقبضة يد الانسان ... القلب الذي حين يُذكر ... تُذكر المشاعر و الأحاسيس و الحنين و الحب ... ورغم هذا كان هذا القلب هو القائد للذنب الذي يأمر فتلبي الجوارح النداء دون تفكير أو تروي ... فصدق من لا ينطق عن الهوي " ألا في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله " ...

حقا تلبي الجوارح .. و آه من تلبية النداء ... فتأوي إلي فراشك بقلب مكسور جريح .. يستحي ممن خلق ووهب النعم و أعطي ومنح ... فشغلتنا عطاياه عنه ... وتجرأنا عليه بها ... فعندما سترنا وأسدل علينا ستائر الستر عصيناه ... و تجرأنا عليه و استأثرناه عن الناس أن يرانا بقلب المعصية ... فإذا به يسترنا و يمهلنا ... و عندما أتخذنا هوانا إلها لنا إذا به ينتظر رجوعنا ... وعندما نتباهي جهرا أنه لنا خليل وسرا عن أذهاننا بعيد إذا به يفرح بتوبتنا و أوبتنا إذا به أرحم بنا من أمهاتنا ...

رغم كل هذا نعود ونزيد و يأتي ليل أثر ليل و نهار وراء نهار وينكت في القلب نكته سوداء تلو نكتة في غفلة منا فإذا به سواد عظيم ... وإذا نداء السماء يعلو عبدي أنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة

فهل نحن مسلوبي الإرادة أم الضعف أقوي منا ..أم أنه وهم سيطر علينا لا حقيقة له

ان هذا الأسر ما هو إلا اسر أخيلتنا التي رأت المتعة في الاستسلام و المقاومة في اليأس والذي لا يقوي عليه إلا مثله .. اسر العقول التي جعلتنا نري السعادة في الذنب و الضيق في الطاعة .. فالقوة منك و الخطوة الأولي عندك فخذ القرار الآن و لا تترك أفكارً وهمية تسيطر عليك .

فلتسيلي يا دموعي و املأي بحور الكون لتمسحي ذنوبي و لتأن يا قلبي لتمحي خطاياي ... و لتفرحي يا نفسي بتوبتي و مغفرة رب السماء و تحطيم اسر العقل وليس الذنب و هبي لجنة عرضها السماوات و الأرض .. فلم يبقي وقت كي يضيع ..

رباه يا حسبي يا ولي لا تدعني فردا كن عوني وولي واجعلني أمام معصيتي أقوي و من توبتي أقرب يا أرحم الرحماء .......


الطائر المغرد

مي القوني

هناك 26 تعليقًا:

محمد عبدالرحمن شحاته يقول...

انا مش عارف اعبر عن الكلام الجميل ده
يعني كلام يجعل العاصي يتوب
يخطوا درباً ليس به ذنوب
لكن من يسمع لتلك الكلمات
ستفيض عينيه من العبرات
تقبلي مروري

شيماء زايد يقول...

مي الجميله

مش لاقيه اي شيء اعلق بيه علي الترنيمه دي
ولكن
ليس هناك وقت لتضييعه
ولتبقي المعصيه اثر النفوس الضعيفه فقط

فشكووول يقول...

احجز التعليق التالت وبعدين ارجع اقرأ واعلق

غير معرف يقول...

أنا فعلاً مش عارفة أكتب ايه يعبر عن الكلام الجميل ده لكنك بكلماتك الرقيقة و المعبرة لمستى قلبى فكل ابن ادم خطاء و خير الخطائين التوابون ( قال الله عزوجل : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة ) استغفرك اللهم و اتوب اليك
بارك الله فيكى ونطمع فى المزيد يا مى ايمان قاسم

فشكووول يقول...

السلام عليكم مى
تحياتى
يا مى الانسان يهفوا الى المعصيه كما يهفوا الى الطاعه
والمهم ان يملك النفس اللوامه
فاذا ملكها عصمته من المعصيه ودفعته الى الطاعه
اللهم اجعلنا من المطيعين
تحياتى

قلب ارهقته الاحلام يقول...

ترنيمة رائعة جداً

وجزاكي الله ألف خير عليها فعلاً مؤثرة جداً

علها تجد طريقاً إلي القلوب فتهجر أسرها وتمزق قيودها

نسأل الله الهدايه للجميع وحسن الخاتمة

تسلم ايديكي بجد

تحياتي ,,,

مي القوني يقول...

شيماء ..

لو مش لاقية تعليق انا عندي تعليق اني اشكرك و اقولك انك من الناس اللي كانت ليها علامات بارزة في حياتي

و مش مهم التعليق المهم القلب يؤمن والجوارح تصدق يا رفقية الدرب

الطائر المغرد

حماده زيدان يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
مي القوني يقول...

اعتذار رسمي الي الشاعر محمد عبد الرحمن علي تاجيلي التعليق لكن كان فقط وفائا لصاحبة الهمسات .

الشاعر محمد عبد الرحمن

ليس هناك دربا بلا ذنوب و لكن هناك انسان صادفا مع نفسه يدرك متي يخطئ وكيف يعود

نشكر مروركم

مي القوني يقول...

ا/فشكوووول

(صاحب التعليق الثااااالث )

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

امييييييييين

مي القوني يقول...

ا/فشكوووول

(صاحب التعليق الثااااالث )

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

امييييييييين

تشرفنا بمروركم

مي القوني يقول...

القلب الرقيق الذي ارهقته الاحلام

جزانا و اياكم .. اتمني ان تصل الي كل القلوب ففك الاسر يحتاج فقط الي ارادة قوية ..

لكن لما الارهاق فالاحلام هي منفذنا للحياة

غير معرف يقول...

جميعنا نعلم ان النفس امارة بالسوء وان الانسان ضعيف امام غرائزه
وقد يتعدى حدود الله ويقع فيما نهى عنه الله
ومن رحمة الله بنا ومعرفته بخلقه(الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)والسعيد هو من اذا ضل اناب, واذا اذنب تاب,فان الله تعالى قال:
(ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)وقال صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له والمستغفر
من الذنب وهو مصر عليه كالمستهزئ بربه)
فبادر بالتوبة وعجل بالانابة,
فأنك لا تدري اذا جن ليل هل تعيش الى الفجر
ربنا انا ظلمنا انفسنا ظلما كبيرا ولا يغفر الذنوب الا انت
فتب علينا واعفو عنا
انك انت التواب الرحيم
عن واثلة ـ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا *** وأعصي الهوى فالهوى ما
زال فتانا

غير معرف يقول...

ومن العجائب والعجائب جمة قرب الحبيب وما اليه وصول كالعير فى البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول هيا معا نيمم وجهنا شطر حبه والانس ب والشوق اليه بدمعة الاسحار بتوبة وانابة ورفقة الابرار وسجدة تقربك الف الف ميل وذكر وتفكر يحطم القيود ويحرر الاسير كعهدى بك مغرده تسكبين الالحا ن كل حين بارك الله فيك

موناليزا يقول...

اللهم لاتأخذنى منك الا اليك
ربنا يبارك فيكِ

مي القوني يقول...

غير معرف ..

شكرا يا اجمل و اطيب مصير و أميرة عرش الجمال و الرقة

ادم المصرى يقول...

المعصيه شيئ ف ظيع ومفزع ولكن مفيش مخلوق معصوم من المعصيه ومش ينفع محدش يعصى لئن لزم نعصى عشان نستغفر الله والله يتوب علينا وكذالك

سئل الصحابه رضى الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال يا رسول الله المؤمن يصرق قال نعم يزنى قال نعم يعوق والديه قال نعميقطع الارحام قال نعم يقطع الصدقه قال نعم يكذب قال لا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولئن الكذب يأتى بباب الفتن والرزيله فكان من الكبائر العظيمه مثل الزنا والربا وهكذا يعنى

موضوعك جميل جدا يا شيماء

وربنا يرحمنا برحمته ويظلنا تحت ظله يوم لا ظل الا ظله

مي القوني يقول...

موناليزا ...

آآآمين .. ويبارك فيكٍ

مي القوني يقول...

ا أدم ..

كلامك صحيح يا ا ادم لكن يسرق بالسين

و يبدو انك مش عارفة اسلوب شيماء لانه اكيد اجمل من كدة (:

تشرفنا بمروركم

تايه في وسط البلد يقول...

حقا انها ترنيمة

الاهم هو تملك مفتاح الارادة التي تكسر اي قيود وتحرر من الاسر

تحياتي

مي القوني يقول...

غير معرف 2

نسكب الالحان علها تطرب الاذان و تحرك القلوب

تشرفنا بمروركم

Unknown يقول...

ترنيمة رائعة يثلج لها القلب
كم منا واقع في براثن معاصيه ومستسلم وكانها وحش افرسه ولا يمكن الفرار منه

أنه أسهل فرار
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

مدونة رائعة أحيكي عليها بشدة
وتدوينة أكثر من رائعة تحياتي لمن سطر أحرفها

ودمتم في خير

ويبقى التواصل

Unknown يقول...

رائعة

إسلام عوض يقول...

عزيزتي مي تحياتي لك هذه أول مرة أقرأ لك فوجدت عندك قدرة كبيرة على توصيل المشاعر الإنسانية بأسلوب رشيق لا يبارى.. وأرى أن المعصية تلازم الإنسان منذ بدء الخليقة ولا فرار له منها فهي تطارده أينما وجد.. فهي التي أخرجت أبانا آدم وأمنا حواء من الجنة.. والمعصية أيضا هي التي أخرجت إبليس اللعين من الجنة والذي كان يعد طاووس الملائكة.. والمؤمن القوي هو الذي يتغلب عليها ويصارعها حتى لو خسر جولة وكسب جولة.. فعن أبي هريرة قال : قلت : يا رسول الله، ما لنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا في الدنيا، فكنا من أهل الآخرة؟ وإذا خرجنا من عندك أحببنا الدنيا، واشتهيناها، وشممنا النساء والأولاد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لو أنكم تكونون على الحال التي أنتم عليها عندي لزارتكم الملائكة في بيوتكم، ولو أنكم لا تذنبون لجاء الله بخلق جديد ليذنبوا فيغفر لهم» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

راسبوتين يقول...

لسلام عليكم
قد إيه كلامك مؤثر
اللهم ارحمنى واغفر لى وثبت توبتى إنى كنت من الظالمين
شكرا ...أرجو قبول مرورى

طارق الرامي (المغرب) يقول...

مي المبدعة.شكرا لك...

بادئى ذي بدئ عذرا على تأخري على الرد على ترنيمتك الرائعة.

في الحقيقة أرى أن هذه الأفكار الغير مسبوقة صريحة تلامس الجرح من أوسع أبوابه -هذا الضعف البشري- الذي لو ارتقينا عنه ما عدنا بشرا والذي لو استسلمنا له ما عدنا كذلك.أعتقد والله أعلم أن السبب هو "الخيال".ما نتخيله نفعله وما نفعله يترك أثره في القلب . المعصية تتركز بعمق في خيالنا . قد نبدي قوة ارادة في مجاهدة النفس على ترك المعاصي لكن قوة الارادة تضعف ويغلب دائما الخيال بالخصوص على المدى البعيد.لأن النفس تميل للخيال وتعتمد عليه في جميع توجهاتها.

هذه مجرد أفكار-وليست حلول- طرحها فكري وأنا أقرأ هذه الترنيمة المتألقة للمرة الثالثة.

تقبلوا تحياتي الخالصة.