الأحد، 22 يونيو 2008

الهمسة الخامسة ( نصف وجه )


نصف وجه

كعادته كل مساء قاد سيارته في طريق العودة إلي منزله، كان يومه شاقا في العمل مزيد من المكالمات والأرقام والصفقات؛ كذلك ينتظره يوم شاق في الغد، وبينما هو شارد في أعماله إذا بصوت فرقة مفزعة يعقبها اصطكاك وزئير سيارته علي الاسفلت بعد فرملة قاسيه دارت علي أثرها السيارة في نصف حلقة .

- أأنت بخير ... سليمة... نحمد الله نجوت بأعجوبة.

- نعم نعم أنا بخير .... رباه ليس اليوم كيف طارت تلك اللعينة... اقترب الوقت من منتصف الليل، وعلي أن اعتمد مستندات هامة في الثامنة صباحا.

أخذ يرتب هندامه المنمق بعد أن عبث به ارتطام سيارته، لم يحتاج أكثر من دقيقتين ليستعيد اتزانه بعد هول الحادثة، التقط هاتفه المحمول وبدأ يجري بعض الاتصالات.

وبينما هو في طريقة سيرا إلي منزله بدأ يستوعب ما حدث منذ قليل... هل كان علي حافة الموت، لماذا لم يعتريه الخوف أو الهلع.

عليه أن يمر علي البنك غداً... عدم وجود السيارة سوف يصعب الأمور، وبينما هو مشتت الذهن يخطو بخطوات واسعة، وقف برهة ليأخذ نفسا عميقا، يا له من هواء منعش كاد أن ينساه فقد اعتاد هواء التكيف.

هاهو يقترب من بيته فقط عليه أن يعبر هذا الطريق ويسير بمحاذاة المباني و...

أثرته، جذبه بريقها وعمقها وجمالها الهادئ، هناك تقف خلف النافذة الزجاجية تبعث سحرها لينسج خيوطه حول قلبه ، كانت مهيبة في طلتها غريبة في شكلها قد أحاطوها بأضواء خافته ناعمة ؛

اقترب منها ،تأملها ، تعلقت عيناه بها إلي أن حجبها عنه سورا من حديد.

نظر إلي الشخص الذي باعد بينهم بمنتهي الضيق ، قبل أن يستوعب الأمر ويبادر بالحديث ؛

- أريد أن أشتريها، أريد هذه اللوحة.

- عذرا سيدي تم غلق المعرض.

- ألا توجد استثناءات ؟

- كنت أود لكنه موعد الإغلاق.

- يا له من ...، حسنا سوف اشتريها غدا ، ولكن متى كان لي اهتمام باللوحات ولما تلك اللوحة بالذات! .

كان يحدث نفسه ،عندما وصل إلي منزله بدل ملابسه وحاول النوم ولكنه لم يستطع فكلما أغلق عينيه تذكر اللوحة ذلك الوجه البديع ، النصف وجه علي الأصح فالنصف الآخر كان مماه غير واضح المعالم ، نصف وجه شغل فكره و أطار النوم من عينيه .

خرج إلي الشرفة بعد أن باءت محاولات النوم بالفشل ، لم يهتم يوما باللوحات الزيتية ، كان يعشق التصوير الفوتوغرافي قديما ، نعم طالما انتظر الغروب علي الشاطئ ليلتقط أروع الصور، وهل هناك أروع من شاطئ الإسكندرية عروس البحر المتوسط .

عاد إلي حجرته وأضاء الأنوار واخذ يبحث عن الكاميرا الخاصة به ، لم يرها منذ وقت طويل هل لازلت موجودة ،إنها هنا كما تركها أهملها كثيرا ولكنها ما زالت تعمل ، عليه فقط أن يزيل عنها الأتربة .

لقد أذن الفجر ربما يستطيع أن يلحق الشروق علي الشاطئ, عليه أن يسرع إذن فليس لديه سيارة.

لا يحتاج إلي رابطه العنق ، كما انه مل تنميق شعره ، بالطبع لا يحتاج حقيبة أوراقه ، وهاتفه المحمول كذلك عليه أن يبقي هنا .

التقط أروع صور للشروق، استنشق نسيم البحر العليل، ومازال يشغله النصف وجه والنصف المماه.

تشير عقارب ساعته إلي التاسعة والنصف صباحا ولا يزال يتسكع في الشوارع .

وقف يترقب المعرض وهو يفتح أبوابه؛استند علي السور الذي يحيط الرصيف المواجه للمعرض ألقي نظرة علي ظله المماه وراءه ، وألتفت ليري النصف وجه وكأنما يرتسم علي نصف فمه ابتسامة، أطرق وجهه ثم رفعه ليري النصف المماه ،ودع النصف الظاهر واحتضن الكاميرا ومضي يبحث عن الأخر .

،تمت بفضل الله

السبت 14يونيه

الثانية صباحا

هناك 18 تعليقًا:

arsenalwy يقول...

جميل اوى ان الواحد يهتم بحاجة ويفضل وراها لغاية ما يحصل عليها


فهذا الارتباط يدل على شدة حب الانسان لهذا الشئ

وهذا الكلام ينطبق ايضا على الناس مع بعضها البعض


احسنتى

darkskies يقول...

لم افهم النهاية اعذرينى ربما لانها الثالثة صباحا وانا دماغى قفلت ولكن الاسلوب الادبى جميل
ننتظر المزيد

blue-wave يقول...

اسلوب لذيذ سهل سلس
تحياتى

شيماء زايد يقول...

Blogger arsenalwy
مرحبا بيك لاول مره علي مدونتنا
مرور طيب
وتعليق هو الحسن نفسه

شيماء زايد يقول...

Blogger darkskies
مرور طيب اخي الكريم
وشكرا علي التعليق رغم كونه في الثالثه صباحاً
وعن النهاية ابحث عن الآخر

شيماء زايد يقول...

blue-wave
كذلك تعليقكم يا فندم
لذيذ سهل وسلس
ومرحبا بك علي مدونتنا

راحــله يقول...

كالعاده اختى اسلوبك جميل جدا بارك الله فيكى ,,
الى الامام وتحياتى :)

موناليزا يقول...

ماتوقعتهاش هتكون كده
بس بجد ماشاء الله قدرتك على الكتابة عالية وواضح انك متمرسة

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
أفكار جميلة وألفاظ سلسة ولكن
إن رغبت فى التعليق على اللغة أو إن أردت بعض الارشادات على فنية البناء القصصى فيمكنك زيارتى على مدونتى
http://gawdteltalem.blogspot.com
ضعى سؤالك كتعليق على المقدمة الموجودة وسو يصلك الرد
كما يهمنى رأيك ككاتبة فى مضمون مدونتى
http://ommee.blogspot.com

شيماء زايد يقول...

راحلة
وكالعاده حبيبتي تعليق أجمل

شيماء زايد يقول...

موناليزا
رأي نعتز بيه ومنوره المدونه

شيماء زايد يقول...

الأخ أحمد
لك كل الشكر ونوعدكم بزيارة مدونتكم قريبا

غير معرف يقول...

شيماء
شكرا لهذا القلم الرائع الذى أمتعنا مدونة رائعه
تحياتى
نون

شيماء زايد يقول...

لك منا كل تحية
وجزاكم الله خيرا علي التعليق اللي امتعتنا بيه يا نون
ويارب تكمل اسمك المره القادمه
(التذكير في العربيه يشمل المذكر والمؤنث)

جيهان علي يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرا ما تمر بنا أحداث في حياتنا نتعجب منها في البداية ولكنها تكون سبب في تغيير حياتنا بعد ذلك إلى طريق آخر مغاير غير الذي أغرقنا نفسنا فيه لسنوات

وهذه الأحداث التي تمر بنا لا تحدث صدفة ولا بدون حكمة بل على العكس يكون خلفها تدبير إلهي حتى نتخذ لأنفسنا سبل أخرة تكون أفضل لنا من سبل بها ما يحملنا الهم والحزن

رائع ما ابدعه كلماتك

تحياتي

خالد كامل يقول...

مش عارف ارد أقول ايه
بصراحة انتى بتكتبى حلو قوى
شكلك بتكتبى من زمان أصلا
تحياتى
سلام

شيماء زايد يقول...

حبيبتي جيهان علي
صدقتي في كل كلمه بل في كل حرف
ولا تكتمل تدويناتي إلا بتعليقك لا حرمنا الله منه

شيماء زايد يقول...

مهيج الجماهير
شكرا ليك
تعليقك يا فندم اللي حلو أوي
وخاااالص تحياتي