اعتاد أن يترك بصمة علي كل شيء ...الجدران ...الأثاث...دفتر العناوين ...الملاءات البيضاء
وجود أي قلم بين أصابعه أو بمعني اصح بين كلتا يديه يعد خطر كبير...
كان المكان الأكثر أمانا لوضع الوريقات الهامة أسفل حشوه الفراش بعد أن فشلت محاولات وضعها أعلي المكتبة
حيث استطاع ببراعة كبيرة أن يتسلق المكتبة بعد قفزه رائعة من المنضدة إلي الكرسي الذي اتخذ ظهره درج للوصول إلي غايته
،يوم طويل ومرير ...لم ينسي أحدا هذا اليوم عندما ذهبت أمه لاصطحابه من روضة الأطفال في أول يوم له هناك فوجدته منتفخ العينان ...متهدج الأنفاس... ليخبرها الجميع انه لم يتوقف عن البكاء منذ أن تركته في الصباح
ورغبه في إقامة قمة صلح عاجله مع صغيرها أهدته علبة مستطيلة الشكل ملونه الغلاف قالت عنها أمه "علبة ألوان" ...أخذ يتأمل أقلامها العجيبة بألوانها الزاهية التقط أول الأمر القلم الأحمر وقبل أن يبدأ رحلة إبداعه علي مفرش المنضدة...أومأت له أمه في تحذير... ثم فتحت أمامه دفتر كبير يشبه دفاتر عمل أبيه إلا انه ناصع البياض
اخذ يخط بالقلم في الدفتر فإذا بهذا اللون الخلاب يضيف شيء من الخجل إلي صفحاته
ابتسم الطفل في ذهول وهو يواري بياض الصفحة بهذا الاختراع العجيب
بمنتهي الحماس انتقل للقلم الأخضر
فالأزرق
فالأصفر
فالبني
وابتعد رافضا اللون الأسود !
لم يخرج من حجرته ثلاثة أيام متتالية ...هذه الحجرة التي لم يراها منذ أعوام ...فزياراته الخاطفة لبيت والديه لم يكن ضمن برنامجها تفقد الحجرة القديمة ...لأنها لم تتجاوز غرفة الاستقبال !
تسللت أمه إلي داخل الغرفة ترجوه عيناها وتدعوه للخروج من محبسه فأشاح بوجهه فأسرعت لتضمه بين زراعيها...دفن وجهه في صدرها ليغرق هذا الصدر بسيول الآلام والآهات.
الضيق .. الفشل ...الوحدة ...الغدر ... الخيانة...الضياع
ظنت أنها تستطيع أن تمحو كل هذه المصطلحات من قاموس حياته إذا أهدته علبة جديدة
هذه المرة ألوان زيتية متنوعة ... وقد أعدت لوحة الرسم كذلك ...
تركته يعبث بالفرش والأقلام
تمنت أن تري الصبي الصغير يلهو من جديد
أو ربما تري الصبي الكبير يبدع من جديد
ذهبت لتعد الليمون البارد في عجلة من أمرها يسابقها الفضول لتكشّف اللوحة
تسمرت في ذهول أمامها
ولم يسعف صمتها المميت غير دمعتان عندما وجدته لم يستخدم جوار الرتوش الرمادية إلا اللون الأسود!!
تمت بفضل الله
شيماء زايد
وجود أي قلم بين أصابعه أو بمعني اصح بين كلتا يديه يعد خطر كبير...
كان المكان الأكثر أمانا لوضع الوريقات الهامة أسفل حشوه الفراش بعد أن فشلت محاولات وضعها أعلي المكتبة
حيث استطاع ببراعة كبيرة أن يتسلق المكتبة بعد قفزه رائعة من المنضدة إلي الكرسي الذي اتخذ ظهره درج للوصول إلي غايته
،يوم طويل ومرير ...لم ينسي أحدا هذا اليوم عندما ذهبت أمه لاصطحابه من روضة الأطفال في أول يوم له هناك فوجدته منتفخ العينان ...متهدج الأنفاس... ليخبرها الجميع انه لم يتوقف عن البكاء منذ أن تركته في الصباح
ورغبه في إقامة قمة صلح عاجله مع صغيرها أهدته علبة مستطيلة الشكل ملونه الغلاف قالت عنها أمه "علبة ألوان" ...أخذ يتأمل أقلامها العجيبة بألوانها الزاهية التقط أول الأمر القلم الأحمر وقبل أن يبدأ رحلة إبداعه علي مفرش المنضدة...أومأت له أمه في تحذير... ثم فتحت أمامه دفتر كبير يشبه دفاتر عمل أبيه إلا انه ناصع البياض
اخذ يخط بالقلم في الدفتر فإذا بهذا اللون الخلاب يضيف شيء من الخجل إلي صفحاته
ابتسم الطفل في ذهول وهو يواري بياض الصفحة بهذا الاختراع العجيب
بمنتهي الحماس انتقل للقلم الأخضر
فالأزرق
فالأصفر
فالبني
وابتعد رافضا اللون الأسود !
لم يخرج من حجرته ثلاثة أيام متتالية ...هذه الحجرة التي لم يراها منذ أعوام ...فزياراته الخاطفة لبيت والديه لم يكن ضمن برنامجها تفقد الحجرة القديمة ...لأنها لم تتجاوز غرفة الاستقبال !
تسللت أمه إلي داخل الغرفة ترجوه عيناها وتدعوه للخروج من محبسه فأشاح بوجهه فأسرعت لتضمه بين زراعيها...دفن وجهه في صدرها ليغرق هذا الصدر بسيول الآلام والآهات.
الضيق .. الفشل ...الوحدة ...الغدر ... الخيانة...الضياع
ظنت أنها تستطيع أن تمحو كل هذه المصطلحات من قاموس حياته إذا أهدته علبة جديدة
هذه المرة ألوان زيتية متنوعة ... وقد أعدت لوحة الرسم كذلك ...
تركته يعبث بالفرش والأقلام
تمنت أن تري الصبي الصغير يلهو من جديد
أو ربما تري الصبي الكبير يبدع من جديد
ذهبت لتعد الليمون البارد في عجلة من أمرها يسابقها الفضول لتكشّف اللوحة
تسمرت في ذهول أمامها
ولم يسعف صمتها المميت غير دمعتان عندما وجدته لم يستخدم جوار الرتوش الرمادية إلا اللون الأسود!!
تمت بفضل الله
شيماء زايد
هناك 14 تعليقًا:
نورتم عالم التدوين
وعلى فكرة انا لما بمشى من غير قلم بحس انى ناقص شىء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدونة جميلة جدًا يا شيماء
مبارك لكِ يا عزيزتي :)
أما عن الهمسة فهي في غاية الروعة وأعتقد أن كل من الفنان والكاتب يستطيع أن يشعر بكل كلمة في همستك بشكل كبير فكلاهما لا يفارق القلم ولا يفارقه القلم
أحسنتِ
ودمتِ مبدعةً
في رعاية الله
أخونا الشاعر مرور كريم ،ولا اسكت الله لك قلماً
أختنا المبدعه جيهان علي
مرور كريم
ورأي هو بمثابه نيشان علي صدري
وهذا ما تعودنا دائما منك
السلام عليكم
مبروك المدونة يا أ/ شيماء واحب اقول لحضرتك إن المقال جميل جدا والله .
جزاكم الله خيرا يا فندم وكنا نأمل ارفاق الاسم مع التعليق
وشكرا للمرور
بشم الهل الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يمكن دي اول مره ادخل فيها..بس ان شاء الله الاكيد اني هافضل فيها
اسلوب الاخت شيماء جميل جدا و سلسل ..واتمني في القريب العاجل نقرأ قصه بسيطه يكون ابطالها القلم و الورقه و النجوم و السماء و احداثها في ارض الخيال ..اعتقد ان الاخت تقدر تمزج العناطر السابقه في قصه رائعه ان شاء الله
وبالتوفيق ديما
دمعه تائب
دمعة تائب
يشرفنا يا فندم تواجدكم في المدونه
وإطراء نعتز بيه
ولا تقلق لا ننفك من التحليق فوق ارض الخيال ولكن عندما تصحبنا جناحتنا (:
كالمعتاد ياشيماء
نجد ماوراء السطور معنى عميق بارك الله فى قلمك ولكن هذا الطفل كان يجتاج فقط لشىء واحد
مُعلم يدله على طريقة الرسم وطبيعتها وأنواع الأولوان وكيفية التعامل معها حتى لايصدم فى رسمه ويتعب ويحبط فى النهايه
ربنا يكرمك وجزاك الله خيرا ً
محمد اسامه
ربما كان يحتاج الكثير ولكن "كان" لا تضيف للرسم النهائي شيء
مرور نعتز بيه اخي الفنان
بارك الله فيك
انتى اسلوبكه جميله جداااااا وحلومه ودا شئى حلوه شكراا البحاااار
مرور كريم يا بحار والشكر ليك
مشاعرك فياضه واحساسك مرهف وكل كلمه لها معنى عميق وبين كل سطر والاخر الكثير من السطور الخفيهذات المعنى الرائع وفقك الله وجعلك شعاع يضىء فى ظلمات الحياه لكل حس مرهف
تعليق يفوقني قدراً نت شخص يفوقني قدرا
جزاكم الله خيرا
إرسال تعليق